من هو الجار ؟
الجار هو الذي يلاصق أو يقرب سكنه من سكنك ، وحدد العلماء دائرة الجيرة إلى مدى أربعين دارًا من كل جهة من أمام ، وخلف ويمين وشمال .
والإسلام يقوم على جملة مرتكزات ترتقي بالفرد وتسمو بالمجتمع ، ومن أهمها:
المبادئ الأخلاقية والقِيَم الفاضلة التي تجعل من الأمة أسرة مترابطة ،
ولكي تسلم العلاقات الاجتماعية ينبغي أن تقوم على الأسس التي دعا إليها
القرآن الكريم قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن
ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاك ُمْشُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ ) ( الحجرات : 13 ) وقال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُم
ْفَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) (آل عمران : 103 ) .
وذكرت الآثار بأن المعتزل عن الناس مُفَارِقٌ للجماعة ، مُخَالِفٌ للسنة
،فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه ، ولذا حرص الإسلام على عقد روح التعاون
بين الجيران وأن يحب الإنسان لجاره ما يحب لنفسه ، قال صلى الله عليه وسلم (
والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه ) رواه مسلم .
وحقوق الجار كثيرة منها…
• إلقاء السلام ورده ، لما في ذلك من ربط القلوب بعضها ببعض ، وهو عمل صالح رفيع .
• ومن حق الجار على جاره أن يزوره إذا مرض ويسأل عن صحته ، ويَدْعُو له ويأمره بالصبر .
• وإذا مات الجار فإن له حقًّا على جيرانه ، وهو : أن يتبعوا جنازته ، وأن
ينظموا الأمر لإعداد الطعام لأهل الميت لأنهم مشغولون بميتهم .
• ومن حق الجار على جاره أن يجيب دعوته إلى الوليمة إن دعاه .
• ومما يجدر بالمسلم أن يكون ستَّارًا لعيوب جاره ؛ وذلك ليستره الله في حياته الدنيا ويوم العرض الأكبر.
• ومن حقوق الجار على جاره : عدم التطاول عليه بالبنيان ، وعدم إيذائه بالأصوات المرتفعة .
وأوصت السنة بالإحسان إلى الجار ، حتى لو كان غير مسلم ، ما دام فردًا يعيش
في المجتمع الإسلامي ، فالإسلام يريد للمجتمع أن يشمله التكافل ويعمه
التراحم ، عن مجاهد قال : كنت عند عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما –
وغلام يسلخ له شاة ، فقال : يا غلام ، إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي ، حتى
قال ذلك مرارًا ، فقال له : كمتقول هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه ) رواه أبو داود
والترمذي
وأقرب الجيران بابًا أحقهم بالإحسان ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت:
يارسول الله ، إن لي جارين ، فإلى أيهما أهدي ؟ قال : ( إلى أقربهما منك
بابًا ) رواه البخاري
وكان محمد بن الجهم جارًا لسعيد بن العاص عاش سنوات ينعم بجواره فلما عرض
محمد بن الجهم داره للبيع بخمسين ألف درهم ، وحضر الشهود ليشهدوا ، قال
:بكم تشترون مني جوار سعيد بن العاص ؟ قالوا : إن الجوار لا يباع ، وما
جئنا إلا لنشتري الدار . فقال : وكيف لا يباع جوار من إذا سألته أعطاك ،
وإن سكتَّ عنه بادرك بالسؤال ، وإن أسأت إليه أحسن إليك ، وإن هجته عطف
عليك ؟ فبلغ ذلك الكلام جاره سعيد بن العاص فبعث إليه بمائة ألف درهم وقال
له : أمسك عليك دارك .
هذه هي الأخلاق الإسلامية التي ربى عليها الإسلام أبناءه ،فكانوا كالبنيان
المرصوص يشد بعضه بعضًا ، يحمل غنيهم فقيرهم ، ويُعين قويهم ضعيفهم، وجمع
الإيمان بين أفئدتهم ، وما أجمل أن يأخذ المسلمون أنفسهم بهذه المبدأ
الكريم .