في مرحلة الطفولة تتخوفين بسبب كثير من
الأمور .. من والديك أن يعاقباك على الخطأ .. من المعلمة في المدرسة إذا لم
تقومي بعمل واجبك .. من أخيك الأكبر الذي يفرض شخصيته عليكِ .. ولكن مع
نهاية تلك المرحلة ومرور الوقت تجدين أن الخوف الذي تعودتى عليه يختفي شيئا
فشيئا.. فلا تعتلين هم العقاب سواء من والديك أو معلمتك .. وتقومين بعمل
الكثير من الأشياء كان من الصعب فعلها مسبقا .. إنها المراهقة التي تزداد
فيها شجاعة الإنسان وإقباله على الحياة والمرور بالمواقف الصعبة والمجازفة
والتجربة والمغامرة ..
لا تندهشى فهذا أمر طبيعي .. وهذا ما أثبتته التجارب العلمية مؤخرا وفقا
لدراسة أعدها باحثون من جامعتي “كورنل” و”براون” ومن كلية الطب في جامعة
نيويورك، والتي ذكرت أن دماغ الإنسان يتعرض خلال المراهقة لتغيرات كبيرة
بحيث تختفي المخاوف التي كان قد طورها خلال طفولته، وهذا أمر يفسر سلوكيات
المراهقين التي تأتي متهورة أحيانا .
وقد درس باحثون ردود فعل فئران مراهقة في مواجهة مخاوف كانت قد أثيرت من
خلال صدمات تلقتها خلال مرحلة الطفولة (صدمات كهربائية مترافقة مع ضجيج)،
فتبين أن الفئران المراهقة التي تعرضت لأوضاع تخلف لديها الخوف، لم تأت
ردود فعلها ظاهرة كالفئران الأصغر أو تلك الأكبر سنا ولم تتوقف بالتالي عن
الحركة بسرعة .
كذلك بينت الفحوصات التي طالت النشاط الدماغي للفئران المراهقة أن المنطقتين المعنيتين عادة بإدراك الخوف سجلتا نشاطا منخفضا .
ويلفت الخبراء إلى أن عدم الخوف لدى المراهقين من البشر يأتي مفيدا في
مرحلة يستكشف فيها هؤلاء الشباب حدود استقلاليتهم . فهم كانوا سيعجزون عن
القيام به إذا ما كان خوفهم يعوقهم .
ويعتبر الباحثون أنه “وبحسب نظرية التطور، فإن الاختفاء الموقت لهذا النوع
من المخاوف خلال المراهقة يأتي مفيدا جدا عندما يكون على الفئران استكشاف
ما يقع خارج إطار جحرها”
ويشير هؤلاء إلى ضرورة القيام بدراسة أوسع انطلاقا من هذا الاكتشاف، بهدف
معالجة بعض أنواع الرهاب ونوبات القلق وأعراض ما بعد الصدمات .