أحوال المسافر مع صلاة الجمعة:
الإنسان على ثلاثة أحوال من حيث السفر عند المذاهب الأربعة:
1- مسافر: وهو من ينتقل ويجد به السفر وليس مقيمًا ولا نازلاً ببلد
معين، أوأقام ببلد إقامة لا تقطع عنه أحكام الترخص بالسفر؛ كقصر الصلاة
ونحوها، وقد اختلف أهل العلم في تحديد قدر الإقامة التي لا تقطع أحكام
الترخص على أقوال(انظر: متى ينقطع الترخص بالسفر؟) وما عليه جمهور أهل
العلم أنه إن نوى إقامة أربعة أيام فأكثر صار مقيماً وألحق بالقسم الثاني.
2- مقيم: هو من أقام ببلد فترة تنقطع فيها أحكام السفر، ولكنه ينوي الرجوع إلى أهله ولا ينوي جعل هذا البلد وطناً له.
3- مستوطن: وهو من يسكن بلداً ونيته البقاء فيها كوطن دائم له، سواء كان من أهلها أصالة، أو من القادمين إليها.
المسافر:
أجمع أهل العلم على أن الجمعة لا تجب إقامتها على المسافرين.
وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سافر مراراً، ولم ينقل عنه ولو مرة واحدة أنه صلى الجمعة.
والراجح أنه لا يجب على المسافر حضور الجمعة حتى ولو سمع النداء، ولكن الأفضل والأكمل في حقه حضورها كما هو مذهب جماهير أهل العلم.
ومما يستدل به على ذلك:
1- أن هذا مسافر، والمسافر لا جمعة عليه بالإجماع.
2- ما روي عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يقيمون في سفرهم فلا
يجمّعون, ومنه ما روي عن الحسن: “أن عبد الرحمن بن سمرة شتّى بكابل شتوة أو
شتوتين، لا يجمِّع ويصلي ركعتين”, وعنه: “أن أنس بن مالك، أقام بنيسابور
سنة أو سنتين، فكان يصلي ركعتين ثم يسلم، ولا يجمع”, وعن إبراهيم قال: “كان
أصحابنا يغزون فيقيمون السنة، أو نحو ذلك، يقصرون الصلاة، ولا يجمعِّون”.
وهي آثار محتملة لسماعهم للنداء.
3- عدم وجود نص خاص على وجوبها على المسافر, فيبقى على الحكم الأصلي للمسافر وهو عدم الوجوب.
4- الاستدلال باستقراء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله.
قال ابن المنذر: “ومما يحتج به في إسقاط الجمعة عن المسافر أن النبي صلى
الله عليه وسلم قد مر به في أسفاره جمع لا محالة، فلم يبلغنا أنه جمع وهو
مسافر، بل قد ثبت عنه أنه صلى الظهر بعرفة وكان يوم الجمعة، فدل ذلك من
فعله على أن لا جمعة على المسافر؛ لأنه المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد
بكتابه، فسقطت الجمعة عن المسافر استدلالاً بفعل النبي صلى الله عليه
وسلم، وهذا كالإجماع من أهل العلم”.
هل يؤم المسافر في صلاة الجمعة:
كثيراً ما يطلب من أهل الفضل والعلم من المسافرين الزائرين لبلد ما أن يؤموا الناس في صلاة الجمعة, فما حكم ذلك؟
اختلف أهل العلم في ذلك, ويمكن تقسيمهم إلى أحوال:
1- المسافر الذي يقصر الصلاة:
• وقد ذهب الحنفية والشافعية إلى صحة إمامته
• وذهب المالكية والحنابلة إلى عدم صحتها
2- المقيم وهو المسافر الذي سيبقى أربعة أيام فأكثر:
• وذهب جمهور أهل العلم إلى صحة
• وقال الحنابلة لا تصح إمامته لعدم الاستيطان, ولئلا يصير التابع متبوعًا؛ لأنه إنما وجبت عليه تبعا لغيره.
والراجح صحة إمامته في الجمعة سواء كان مسافراً أو مقيماً – ولو كانت
الجمعة غير واجبة عليه – فيصح إمامة المتنفل بالمفترض، كما ثبت ذلك في قصة
معاذ رضي الله عنه.
وينبه إلى اشتراط أن يتم العدد في الجمعة بغير الإمام المسافر أو المقيم؛
لأن الجمعة لا تنعقد به وأقل عدد لإقامة الجمعة على الراجح من أقوال أهل
العلم ثلاثة