لما نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه و
سلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه ، خرج رسول الله – صلى الله
عليه و سلم – إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم في قومه ، فلما
انتهى إلى الطائف عمد إلى نفر من سادة ثقيف وأشرافهم ، فجلس إليهم فدعاهم
إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام ، و القيام معه على من
خالفه من قومه ، فلم يستجيبوا له ، وقام من عندهم فأغروا به سفهاءهم و
عبيدهم يسبونه و يصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط لعتبة بن
ربيعة و شيبة بن ربيعة ، فعمد إلى ظل حبلة ( أي طاقات من قضبان الكرم ) من
عنب ، فجلس فيه ، فلما اطمأن َّ في مجلسه قال : ” اللهم إليك أشكو ضعف
قوتي و قلة حيلتي وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين
وأنت ربي ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم
يكن بك علي غضب فلا أُبالي ، و لكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك
الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزل بي َّ
غضبك أو يحل علي َّ سخطك ، لك العتبى حتى ترضى و لا حول و لا قوة إلا بك ” .
ثم إن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – انصرف راجعا ً إلى مكة حين يئس من خير ثقيف .