قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – : ” اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين
إليك : بعمر بن الخطاب أو أبي جهل بن هشام ” فكان أحبهما إلى الله عمر رضي
الله عنه .
جاء إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه على مراحل هي :
* الأولى : التجأ عمر ليلة إلي المبيت خارج بيته ، فجاء إلى الحرم ودخل في
ستر الكعبة والنبي قائم يصلي وقد استفتح النبي – صلى الله عليه و سلم –
سورة الحاقة فجعل عمر يستمع إلى القرآن ويعجب من تأليفه ، قال : فقلت
- أي في نفسي – : هذا و الله شاعر ، كما قالت قريش ، قال فقرأ ” إنه لقول
رسول كريم ، وما هو بقول شاعر قليلا ً ما تؤمنون ” قال : قلت : كاهن ، قال ”
و لا بقول كاهن قليلا ً ماتذكرون ، تنزيل من رب العالمين ” إلى آخر السورة
، قال : فوقع الإسلام في قلبي .
* الثانية : خرج ذات يوم متوشحا ً سيفه يريد القضاء على النبي – صلى الله
عليه و سلم – ، لقيه نعيم بن عبد الله النحام العدوى و رجل من بين زهرة أو
رجل من بني مخزوم ، فقال : أين تعمد ياعمر ؟ قال : أريد أن أقتل محمدا ً،
قال : كيف تأمن من بني هاشم و من بني زهرة و قد قتلت محمدا ً ؟ فقال له عمر
: ما أراك إلا قد صبوت و تركت دينك الذي كنت عليه ، قال : أفلا أدلك على
العجب يا عمر ، إن أختك وختنك قد صبوا و تركا دينك الذي أنت عليه ، فمشى
عمر دامرا ً حتى أتاهما و عندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها سورة طه
يقرؤهما إياها ، و كان يختلف إليهما و يقرؤهما القرآن فلما سمع خباب حس عمر
توارى في البيت ، و سترت فاطمة أخت عمر الصحيفة ، و كان عمر قد سمع حين
دنا من البيت قراءة خباب إليهما ، فلما دخل عليهما قال : ما هذه الهينمة
التي سمعتها عندكم ؟ فقالا : ما عدا حديثا ً تحدثناه بيننا ، قال : فلعلكما
قد صبوتما ، فقال له ختنه : يا عمر ، أرأيت إن كان الحق في غير دينك ؟
فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا ً ، فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها
نفحة بيده ، فدمى وجهها و في رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها فقالت و هي
غضبى : يا عمر إن كان الحق في غير دينك ، أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد
أن محمدا ً رسول الله .
فلما يئس عمر و رأى ما بأخته من الدم ندم و استحيا ، و قال : أعطوني هذا
الكتاب الذي عندكم فأقرؤه ، فقالت أخته : إنك رجس و لا يمسه إلا المطهرون ،
فقم فاغتسل . فقام فاغتسل ثم أخد الكتاب فقرأ ” بسم الله الرحمن الرحيم ”
فقال : أسماء طيبة طاهرة ، ثم قرأ ” طه ” حتى انتهي إلى قول الله تعالى ”
إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني و أقم الصلاة لذكري ” فقال : ما أحسن
هذا الكلام و أكرمه ! دلوني على محمد . فلما سمع خباب بن الأرت قول عمر
خرج من البيت فقال : أبشر ياعمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى
الله عليه و سلم لك ليلة الخميس ” اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو
بأبي جهل بن هشام ” و رسول الله – صلى الله عليه و سلم – في الدار التي في
أصل الصفا .
فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم انطلق حتى أتى الدار فضرب الباب ، فقام رجل ينظر
من خلل الباب فرآه متوشحا ً سيفه ، فأخبر رسول الله – صلى الله عليه و سلم –
واستجمع القوم فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر ؟ ، قال : وعمر ؟
افتحوا له الباب ، فإن كان جاء يريد خيرا ً بذلناه له ، و إن كان جاء يريد
شرا ً قتلناه بسيفه ، ورسول الله – صلى الله عليه و سلم – داخل يوحي إليه
فخرج إلى عمر حتى لقيه في الحجرة ، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف ، ثم
جبذه جبذة ً شديدة فقال : أما أنت منتهيا ً يا عمر حتى ينزل الله بك من
الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم ، هذا عمر بن الخطاب ،
اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ” فقال عمر : أشهد ألا إله إلا الله و
أنك رسول الله ، وأسلم ، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد الحرام .