الجنس : الدولة : المهنة : احترام قوانين المنتدى : نوع المتصفح : نسخة المنتدى : عدد المساهمات : 9681نقاط النشاط : 40905 تاريخ التسجيل : 26/10/2012فريقك المفضل :
في الظلمــات لاح ضميــر ؟.؟؟؟؟؟ ( القصة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد ) ( القصة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
............أيها الضمير .. أيها الغائب في متاهة الزمن .. أيها المنسي في أضابير المحن .. أين رحلت منذ الماضي البعيـد ؟؟ .. وأين أرضك اليوم ؟ .. فالظلمات امتدت لمتون الوجدان .. وغرست جذورها في أعماق الإنسان .. وغطت بياض الصفحات بسواد الدهان .. وطوت وكتمت محاسن الأخلاق بالكتمان .. كطي السجل للكتب ثم أعلنت في الأرض شرائع الشيطان .. وماتت قيم الأعراف بين الخلق منذ زمان .. وما بقيت الساحات إلا لحثالة تصول وتجول كالجرذان .. ندرة في النزاهة وندرة في العفة وندرة في نخوة الإخوان .. والضمير في غيبة لا آثار له إلى في كتب البيان .. ...............أيها الضمير هناك وحيدة ضعيفة تواجه المصير .. وتدخل في محنة الابتلاء والامتحان .. تحتمي بالعفة والطهارة والنقاء .. ولكن خلفها تركض كلاب بشرية تريدها لنفسها .. لأنها صيد متاحة أوجدتها الظروف والأقدار في ذاك المكان .. سبعة من بشر كالكلاب الضالة الجائعة النهمة الشهوة .. تجمعها صفات الشيطان .. التقي الكلاب معاَ حيث أهواء النفس ورغبات الفحش والعصيان .. وهي الفتاة إن صرخت بعيدة عن الأسماع وبعيدة عن الأوطان .. وإن ركضت فأماها الصحراء والكثبان .. وإن قاومت فهي الأنثى ولم تخلق يوماَ لتقارع الغدر بالإمكان .. فهي الرقة وهي السماحة وهي اللطافة .. وهي الزرع الأخضر في لغة الألوان .. تمثل النعمة والراحة والقمة في مسمى الإنسان .. وهي النسمة العبقة الغير جارحة بوداعة الغزلان . ................ في البداية عشمتها البراءة فظنت فيهم الخير .. وتأملت فيهم نخوة الأخوة والعقيدة .. وظنت أنهم سوف يحملوها في الأحداق .. ثم يحمونها بمروءة الرجال الشجعان .. ولكنها لمحت في أعينهم غير ذلك .. فرأت عيوناَ جائعة تريدها في نفسها .. فخافت ولكن الخوف لا يقي في ذلك المكان وفي ذلك الزمان .. ظبية صغيرة ضعيفة تقف عاجزة أمام سبعة من الذئاب .. والإصرار في عيون لا تبدي رحمة ولا تعني شفقة .. فأدركت أنها هالكة .. وأنها لا حيلة لها .. نظرت هناك ونظرت هناك .. فلا يلوح في الآفاق من يعينها بالخلاص .. بكت فلم يجدي بكاءها ولم تشفع لها الدموع .. ولم تجلب لها ليناَ من قلوب كالحجارة .. تناسوا معاني الرحمة وهم في حالة التمكن وقوة السلطان .. ويملكون الآن كل معالم البطش بغير هوان .. في خلاء لا رقيب هناك ولا جمع لبني الإنسان .. بقسوة خيروها لتختار صاحب الدور .. ثم الأدوار تأتي تباعاَ حسب الخيار .. رفعت كفها للسماء ثم طلبت من الله العون والغفران .. ولما رأت الإصرار منهم واشتدت الرغبات علمت أنها هالكة في كل الأحوال .. فأشارت إليهم إذا كان لا بد من الأمر كيفما كان .. أن يستروها وأن ينالوها في خلوة من أعين الإخوان .. ثم اختارت أحدهم ليكون هو الأول في قصة الأدوار .. فابتعد بها بعيداَ عن الجماعة خلف شجرة هناك .. ولما انفردت في ذلك المكان قالت له أنت تريد أن تأخذ حقاً هو ليس لك شرعاَ وليس لي شرعاَ .. وأنا عاجزة ولا حيلة لي الآن إلا أن أخرج من هذه الورطة بأهون الشرور .. فأطلب منك طلباَ واحداََ وهو إذا نلت مرادك مني أن تقسم بالله لي بأنك سوف تضعني بمثابة أختك ثم تدافع عني أمام رغبات الآخرين .. حتى لا ينالوني جميعاَِ فأكون تلك الساقطة المصبوغة بصباغ الأدران .. فلما سمع تلك الكلمات منها انتفض فجأة كالمجنون .. ثم دخل في حالة من الهستريا الغير معلوم .. وجلس في الأرض منهكاً والعرق يتصبب من جبينه بغزارة .. ودخل في وجوم وسكوت لدقائق ثم بكى بشدة وحرقة .. بعدها رفع رأسه ليقول لها وقسماِ بالله أضعك بمثابة أختي فعلاً ولا ألمسك .. ولن أسمح لأحد أن يلمس شعرة من جسمك .. حتى ولو كان الثمن هو حياتي .. ثم وقف ليأخذها بعيدة عن الآخرين .. ويذهب بها لأهلها في بر الأمان وهي في دهشة واستغراب شديد . ............أيها الضمير كيف عدت الآن ؟؟ .. وقد طالت غيبتك في متاهات النسيان .. حتى ظننا أن الموت كال لك فخـاَ فدخلت في شباك الرهبان .. فصرت مثلهم تلبس ثوب الماضي وتهرب من عوالم الإنسان .. وقصة ذلك المجنون تلك عودة لقصة أخرى .. فكانت له أخت وحيدة .. كان يحبها كثيراً .. وكان يعزها كثيراَ .. وعندما ماتت فجأة كانت في عمرها بنفس عمر الضحية البريئة .. ومن حين لأخر كان يراها في الخيال وكان يراها في المنام .. وعندما ناشدته بالقول أجعلني بمثابة أختك قال رأيت أختي فجأة تقف أمامي خلف تلك الشجرة بالقرب من الضحية .. وتحذرني من المغبة وتمنعني بالعض على أناملها بحسرة وندامة .. ثم تشابهت الوجهان أمامي .. الضحية وأخـتي !! .. وتمازجت الصورتان في جسد فتاة واحدة لتمثل الضحية البريئة .. فلم أستطع أن أفرق بينهما .. فكيف آتيها بعد ذلك !! ؟؟ .. وكيف أسمح لأحد أن يأخذ عفة أختي ؟؟؟ . ...............تلك هي قصة الفتاة التي تاهت بعد أن ابتعدت قليلاَ عن محطة خلوية .. ثم وجدت نفسها في أحضان الكلاب البشرية الضالة .. وقد امتحنتها الأقدار لتواجه أقسى محنة في حياتها .. وعند الشدة والضيق رفعت كفها لرب الأرباب .. فأنقذها الله من محنة الأشرار .. فهو لا يخذل من يناديه ويناجيه مضطراَ في لحظات الشدة والابتلاء .. وما زال هنا الإنسان .. وما زال هنا الزمان .. وما زال هناك محنة الضمائر المفقودة .