اتشرف
بماقسمتكم جميعــا فلسفتــي في الحب ... ليس الحب المعتاد من حب ذكر و
انثى ، بل هو الحب على مطلقه ، مهما تعدد المحبوب : من خالق - تعالى الله
عن التشبيه و الند و التمثيل و العد و الحد - إلى مخلوق ، من جمادات إلى
احياء ...
فلسفــة حـب فريـــد :
في
مكان ما في هذا العالم الكبير المليء بالعجائب ، وتحت ظلام الليل الدامس
التي تنيره نجوم الليل البيضاء الجميلة ، تهامس اثنان بكلام لم اسمع مثله
من قبل … كلام جميل … جميل للغاية …
كلام
يجلب الراحة والسعادة للنفس البشرية … كلام يبعد الكآبة والهم من نفس
الإنسان … كلام يجعلنا نصرخ بأعلى صوت " الحياة جميلة ، فلنعشها بسعادة " …
كلام يوحي بأن هذين الشخصين قد انعزلا عن العالم في تلك البقعة الصغيرة
منه ولم يعد يهمهما أي شئ من هذا العالم غير أن ينظر كل واحد منهما إلى
عيني الآخر ويتبادلان أحلى وأنقى العبارات التي سجلها الكون عبر التاريخ
الطويل …عبارات الحب .
ولكن مهلا ما هو
هذا الحب أهو مرض وإدمان أم علاج لمشاكل الإنسان … أهو شئ جميل أم قبيح …
هل يجب أن نمشي في طريق الحب ونعطي النفس هواها بحيث ينسى الإنسان نفسه
وأهله ولا يفكر إلا في حبيبه أم يجب أن نتوقف عند نقطة معينه ونتراجع بسرعة
ونفر من الموقف كله وكأن شئ لم يكن … وهل يجب منا أن نجعل حياتنا حبا أم
أن نجعل حبنا حياةً … هل نحب لنعيش ام نعيش لنحب ... وهل الحب مجرد ضيف
عابر كسحابة صيف أم أنه ظل يلازمنا أينما ذهبنا وفي كل الأوقات … ثم هل
الحب غاية أم وسيلة ؟؟؟
فاقول : الحب
مزيج من مرض مزمن يلازم الإنسان طالما ظل يحيا بحب وعلاج دائم لكل الأمراض
التي تنتج عن الاكتئاب والغم طالما نحب في الحياة …
الحب جميل وقبيح … جميل عند حدوثه و استمراره وقبيح عند لحظة زواله وابتعاده … ناحج عند تكونه جارح عند اجهاضه ...
الحب
هو عبارة عن مجموعة من الجزر في بحرعجيـــــب و عميــــــق ... والخوض في
هذا البحر والغوص فيه والاستمرار في الغوص إلى الأعماق هو أساس الحب
الامتناهي ... حتى إذا وصل إلى الجزيرة المنشودة ووجدها تطابق هواه ومغزاه
ونفسه قبض عليها بكلتا يديه كما يقبض الغريق على طوق النجاة بكل قوته …
وأما إذا كانت مقفرة ومجدبة لا تنبت زرعا ولا تخرج ماء أعطاها ظهره وصرف
عنها تفكيره ... وعاد من حيث أتى بحثا عن جزيرة أخرى في هذا البحر العجيب
عمقا الصعب غوصا الخطير موجا .
وأما
حياتنا - خاصة الروحية و النفسية - فهي حب بمعنى الكلمة لأن الذي لم يحب لم
يذق طعم الحياة والذي لم يذق طعم الحياة فهو ميت - روحيا و نفسيا - لكن
جسده حي فقط مشاعره ميته وقلبه قاسي مع أن الدم والروح تجري في عروقه …
وحبنا هو حياة ففي الحب تتجدد الآمال و تخفف الآلام و الدنيا تبتسم لنا
فنعيش في حب … نصحو ونحن نحب وننام ونحن نحب و بين الصحوة و المنام نحب -
فالعارفون واقفون على لطائف الحب مجربون لنسائم القرب ناهلون من نهر عذب
خائفون من درب صعب - .
الحب ضيف عابر
يتركنا وظل لازم لا يفارقنا … هو ضيف عابر عندما يأتي بدون موعد مثل الحب
تماما يأتي فجأة بدون أي موعد مسبق فعندما يأتي نرحب به حتى يصبح ضيفا
عزيزا علينا ويحتل قلبنا احتلالا كاملا ويصبح من أهلنا وعشيرتنا فيلزمنا
كالظل تماما في كل الأوقات والأزمنة ، بل غننا نقدم له صدر الدار و نبيت في
ركنها و نعطيه افخر الثياب و نلبس مرقعها و نطعمها ألذ ما يؤكل و نأكل
بقيتها ... اولا لا تفعلون هذا ؟ من منطلق الحب و التبجيل ... إنها الحقيقة
و الله .
ليس كل الحب حبا لكن الحب هو
فقط ذلك الحب الذي نطلق عليه اسم الحب الحقيقي ، فالحب الحقيقي يتمكن من
القلب تمكن الخيال من فرسه والفارس من سيفه والكاتب من قلمه والنار من
الحطب والسيد من خادمه والمحب من حبيبه ، إنه إجتياح مستعمر و قوة تبني و
تدمر تضحك من البكاء و تبكي من الضحك ...!!!
وكلمة الحب الحقيقي
ليست مجرد كلمة تحمل في طياتها أشياء معنوية و مشاعر حسية فقط ولكنها تكون
أيضا أشياء مادية فالحب بذل و عطاء ... إنه بلوغ درجة حب التوحد اي الإثنين
واحد ... فتذوب الفوارق و تنصهر الذوات و يزيد التلاحم و ينمو التفاهم و
يسيطر الصدق و تتفجر الصراحة ... و بذلك يكون الحب غاية و هدف و ليس مجرد
وسيلة للوصول لغاية - الزواج - ... و هو ما نراه و نعيشه في كل حياتنا و
مجتمعاتنا ... فمتى تم الزواج انتهت مهمة الحب ... لانه استعمل من البداية
كوسيلة توصل إلى الهدف و تنتهي مهمتها بمجرد تحقيق الهدف - الزواج -
أقول
: الحب غاية و هدف في ذاته ... مستقل عن كل وسيلة منفرد بخصوصيته متفرد
بكينونته ... بل هو أنبل و اشرف و انقى غاية و هدف ... فمن عاش لتحقيقه طول
حياته عاش سعيدا و ان لم يتزوج ، نعم و ان لم يتزوج - لا تنسى هنا انني
اتحدث عن الحب بعامة و اطلاق ، لا اختص حب الذكر و الانثى ، اذا الزواج ليس
دائما حبا - فقد يسعد من يحب الله دون ان يتزوج أو يحب الناس و اهله و
اصحابه دون ان يكون متزوجا - صح أم لا ؟
فتأكد ان الحب غاية سامية و
هدف راق و نجم عال و قمر ساطع بل شمس منيرة ... قد نفني حياتنا و تذبل
أعمارنا كلها دون ان نصل إليه - بمعناه الذي صغت و مكنونه الذي وصلت - ...
لكننا و نحن في الطريق إليه نحيا به كمن يمشي في طريق بستان قاصدا شجرة
معينة ، فإنه يصيبه من ظل باقي الاشجار و ثمارها و نسيمها الكثير ... و ان
لم يصل لمبتغاه ... فقد عاش و مات في طريق حبه و هدفه ... أليس يحيا بالحب و
فيه عاش و عليه مات ؟
هذه فلسفتي و تجربتي الخاصة ..
و أنت ... ؟
تحدث ، شاركنــا ، تنفس ، أنقدنـــا ...