البدر المحجّب
سمعتُ وراء البابِ طرقاً فقلتُ: من؟
فقالت: فتاة الحيّ قلتُ لها: أهلا
ومنَّيتُ نفسي، قلتُ: ريمٌ أتى به
اليكِ لهيبُ الشوق تصطاده سهلا
وقمتُ الى المرآة، اصلح هيأتي
وأرسل من شعري على جبهتي فضلا
وأقبلتُ نحو الباب والقلب عالم
بأن وراء الباب من يذهل العقلا
غزال براه الحب والشوق والهوى
فجاء ولم يخش الأقارب والأهلا
وما إن فتحتُ الباب حتى تقدمتْ
محجبة لم تبد كفاً ولا رجلا
ورحتُ الى الترباس أحكم غلقه
مكباً عليه نازلاً فوقه قفلا
وقلتُ سلام الله يا أجمل المنى
ويا من لها يهفو التقي اذا صلى
أزيلي عن الوجه اللثام لكي أرى
وأنهل من نبع البهاء وما أحلى
ولا تفسدي هذا اللقاء بحاجب
وجودي فإن الحب لا يعرف البخلا
وإنا هنا اثنين والثالث الهوى
وقد عميت عين الرقيب الذي ولى
ورحت اناديها، وأضرع خاضعاً
وأحسبني قيساً وأحسبها ليلى
وأنشدها أبيات شعر رقيقة
إذا سمع الظمآن ألفاظها علا
ولكنها صدّت، وشحّت وأعرضت
ولم تسمع الأشعار أو تسمع القولا
كأني أنادي صورة لا حقيقة
فلا نعم قالت ولا نطقت كلا
وقد كدت من شوقي إلى رسم وجهها
أصاب بشيء يشبه المس والخبلا
وخاطبت نفسي، قلتُ: هبها خجولة
من اللائي لا يحسنَّ غنجاً ولا دلاّ
فأقدم رفيقاً ثابت الخطو رائعاً
فإني أراك اليوم تستصعب السهلا
وأقبلتُ شوقي يدفع الشوق خطوه
لأنهي فصلاً صار من طوله فصلا
كشفتُ عن الوجه الجميل لثامه
فماذا رأت عيني إذا لم تر الهولا
رايت عجوزاً عقرباً ذات مخلبٍ
تحيل بياض الصبح من قبحها ليلا
وقد قمتُ مذعوراً من النوم صارخاً
ولو لم يكن حلماً لأصبحتُ في القتلى
الشاعر/عبد الرحمن رفيع