أَعطِني النّايَ وَغَنِّ وَانسَ ما قُلتُ وَقُلتا
إِنَّما النّطقُ هَباءٌ فَأَفِدني ما فَعَلتا
هَل تخذتَ الغابَ مِثلي مَنزِلاً دُونَ القُصُور
فَتَتَبَّعتَ السّواقي وَتَسَلّقتَ الصُّخور
هَل تَحَمّمتَ بِعِطرٍ وَتَنشّفتَ بِنُور
وَشَربتَ الفَجرَ خَمراً في كُؤوسٍ مِن أَثِير
هَل جَلَستَ العَصرَ مِثلي بَينَ جَفناتِ العِنَب
وَالعَناقيدُ تَدَلّت كَثرَيَّاتِ الذَّهَب
فَهيَ لِلصّادي عُيُونٌ وَلمن جاعَ الطّعام
وَهيَ شَهدٌ وَهيَ عطرٌ وَلمن شاءَ المدام
هَل فَرَشتَ العُشبَ لَيلاً وَتَلَحّفتَ الفَضا
زاهِداً في ما سَيَأتي ناسياً ما قَد مَضى
وَسُكوتُ اللَّيلِ بَحرٌ مَوجُهُ في مَسمَعك
وَبِصَدرِ اللَّيلِ قَلبٌ خافِقٌ في مَضجعك
أَعطِني النّايَ وَغَنِّ وَاِنسَ داءً وَدَواء
إِنَّما النّاسُ سُطُورٌ كُتِبَت لَكِن بِماء
لَيتَ شِعري أَيّ نَفعٍ في اِجتِماعٍ وَزحام
وَجِدالٍ وَضَجيجٍ وَاِحتِجاجٍ وَخِصام
كُلُّها أَنفاقُ خُلدٍ وَخُيوط العَنكَبوت
فَالَّذي يَحيا بِعَجزٍ فَهوَ في بُطءٍ يَموت