هوَذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِف عَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق
ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلف زَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق
وَجَديدُ القَلبِ أَنّى يَأتَلف مع قُلوب كُلُّ ما فيها عَتيق
هوَذا الصُّبحُ يُنادي فَاِسمَعي وَهَلمّي نَقتَفي خُطواته
قَد كَفانا مِن مَساء يَدّعي أَنّ نُورَ الصُّبحِ مِن آياتِهِ
قَد أَقَمنا العُمرَ في وادٍ تَسير بَينَ ضلعَيهِ خَيالات الهُموم
وَشهِدنا اليأسَ أَسراباً تَطير فَوقَ مَتنَيهِ كَعقبانٍ وَبُوم
وَشَربنا السّقمَ مِن ماء الغَدير وَأَكَلنا السُمّ مِن فَجّ الكُرُوم
وَلَبِسنا الصَبر ثَوباً فالتَهَب فَغَدَونا نَتَرَدّى بِالرّماد
وَاِفتَرَشناهُ وِساداً فَاِنقَلَب عِندَما نِمنا هَشيماً وَقتاد
يا بِلاداً حُجِبَت مُنذُ الأَزَل كَيفَ نَرجوكِ وَمِن أَيّ سَبيل
أَيّ قَفرٍ دونَها أَيّ جَبَل سُورها العالي وَمَن مِنّا الدَّليل
أَسرابٌ أَنتَ أَم أَنتَ الأَمَل في نُفوسٍ تَتَمنّى المُستَحيل
أَمَنامٌ يَتَهادى في القُلوب فَإِذا ما اِستَيقَظَت وَلّى المَنام
أَم غُيومٌ طُفنَ في شَمس الغُروب قَبلَ أَن يَغرَقنَ في بَحر الظَّلام
يا بِلاد الفِكر يا مَهدَ الأُلى عَبدوا الحَقَّ وَصَلّوا لِلجَمال
ما طَلَبناكَ بِرَكبٍ أَو عَلى مَتنِ سُفنٍ أَو بِخَيلٍ وَرحال
لَستُ في الشَّرقِ وَلا الغَربِ وَلا في جنوبِ الأَرض أَو نَحوَ الشّمال
لَستُ في الجَوّ وَلا تَحتَ البِحار لَستُ في السَّهلِ وَلا الوَعرِ الحَرج
أَنتَ في الأَرواحِ أَنوارٌ وَنار أَنتَ في صَدري فُؤادي يَختَلج