تفسير حلم رؤيا الخمر
وهنا فسر ابن سيرين حلم رؤيا الخمر : في الأصل مال حرام بلا مشقة ، فمن رأى أنه يشرب الخمر فإنه يصيب إثماً كثيرأ ورزقاً واسعاً لقوله عز وجل {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما }
ومن رأى أنه شربها ليس له من ينازعه فيها فإنه يصيب مالاً حراماً وقالوا
بل مالاً حلالاً ، فإن شربها وله من ينازعه فيها ، فإنه ينازعه في الكلام
والخصومة بقدر ذلك وإن رأى أنه أصاب نهراً من خمر فإنه يصيب فتنة في دنياه ،
فإنه دخله وقع في فتنة بقدر ما نال منه وإن رأى الإنسان كأنه بين جماعة
كثيرة يشربون الخمر فإن ذلك رديء لأن كثرة الشراب يتبعه السكر والسكر فيه
سبب الشغب والمضادة والقتال , وقال الخمر لمن أراد الشركة والتزويج موافقة
بسبب امتزاجها وحكي أن رجلاً رأى كأنه مسود الوجه محلوق الرأس يشرب الخمر
فقص رؤياه على معبر ، فقال : أما سواد الوجه فإنك تسود قومك ، وأما حلق
الرأس فإن قومك يذهبون عنك ويذهب أمرك ، وأما شرب الخمر فإنك تحوز امرأة
وأتى ابن سيرين رجل ، فقال : رأيت كأن بين يدي إناءين في أحدهما نبيذ وفي
الآخر لبن ، فقال: اللبن عدل والنبيذ عزل فلم يلبث أن عزل وكان والياً
وشرب الخمر للوالي عزل وصرف نبيذ التمر مال فيه شبهة وشرب نبيذ التمر
اغتمام ، أما شرب الخمر الممزوجة ماء فقيل ينال مالاً بعضه حلال وبعضه حرام
، وقيل يصيب مالاً في شركة ، وقيل يأخذ من إمرأة مالاً ويقع في فتنة ،
والسكر من غير شراب هم وخوف وهول ، لقوله تعالى { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى }
والسكر من الشراب مال وبطر وسلطان يناله صاحب الرؤيا ، والسكر من الشراب
أمن الخوف لأن السكران لا يفزع من شيء وإن رأى أنه سكر ومزق ثيابه فإنه رجل
إذا اتسعت دنياه بطر ولا يحتمل النعم ولا يضبط نفسه ، ومن شرب خمراً وسكر
منها أصاب مالاً حراماً ويصيب من ذلك المال سلطاناً بقدر مبلغ السكر منه ،
وقيل إن السكر رديء للرجال والنساء وذلك أنه يدل على جهل كثير ورؤيا الخمر
في الخابية إصابة كنز ، والحب إذا كان في ماء وكان في بيت فإنها إمرأة غنية
مغمومة ، وإذا كان حب الماء في السقاية ، فإنه رجل كثير المال كثير النفقة
في سبيل الله ، والحب إذا كان فيه الخل فهو رجل صاحب ورع ، وإذا كان فيه
زبد فهو صاحب مال نام ، وإذا كان فيه كامخ فهو رجل مريض وأتى ابن سيرين رجل
، فقال : رأيت كأن خابية بيتي قد انكسرت ، فقال : إن صدقت رؤياك طلقت
امرأتك ، فكان كذلك ورأى رجل كأنه ولي ولاية فركب في عمله مع قوم ، فلما
أراد أن ينصرف وجدهم سكارى أجمعين فلم يقدر على أحد منهم وأقام كل واحد على
سكره ، فقصها على ابن سيرين ، فقال : إنهم يتملون ويستغنون عنك ولا
يجيبونك ولا يتبعونك .
أما النابلسي فسر حلم رؤيا الخمر : هو
في المنام مال حرام ، فمن رأى أنه يشرب الخمر فإنه يصيب إثماً كبيراً
ورزقاً واسعاً ومن رأى أنه يشربها وليس له منازع في كأسها أصاب مالاً
حراماً ، وقيل بل مالاً حلالاً ، فإن كان له منازع فإنه ينازعه في الكلام
والخصومة ومن رأى أنه أصاب نهراً من خمر فيصيب فتنة في دنياه ، فإن دخله
وقع في فتنة بقدر ما نال منه ، ورؤية الخمر لمن يريد الشركة ، أو التزوج
موافقة بسبب امتزاجها ، وشرب الخمر للوالي عزل ، وشرب الخمرة الممزوجة
بالماء تدل على مال بعضه حلال وبعضه حرام ، وقيل مال في شركة ومن رأى أنه
يعصر خمراً فإنه يخدم السلطان وتجري على يديه أمور عظام ومن رأى أنه دعي
إلى مجلس خمر فيه فاكهة كثيرة فإنه يدعى إلى الجهاد والاستشهاد فيه ،
والخمر في المنام يدل على الفتنة والشرور والعداء والبغضاء . وربما دل شرب
الخمر على الشفاء من الداء . وربما دل على زوال العقل بجنون أو هم بغيبة عن
حسه ، وإن كان الرائي مخاصماً فهو خصمه بالباطل لما يجري على لسانه من
الجرأة ، وإن كان عاطلا عن العمل خدم غيره أو كان فقيراً استغنى أو أعزب
تزوج أو مريضاً شفي من مرضه ، وإن كان الشارب بين قوم في مجلس نهر ولهو دل
على ردتهم ، ونكثهم العهد لولي أمرهم أو محاربتهم ونقض أيمانهم ، وإن كان
شارب الخمر عالماً ازداد علمه لما يعرض للإنسان من الفكر حين الشرب ،
واعتبر ما شرب من الخمر ، فإن كان الخمر من العنب ربما أكل الرائي عنباً في
غير أوانه أو وقع في عيب لأن لفظة عيب تصحيف للفظة عنب . وربما رزق حلالاً
، وإن كان الخمر مبتاعاً أو تولى عصره فربما وقع في محذور يوجب اللعنة
عليه ، والخمر يدل على الكذب والهذر في الكلام وإفشاء السر والزنا ، واعتبر
ما سميت به فالخمر إثم . وربما دل على إمرأة زانية وهي العقار . وربما دل
شربه في المنام على عقوق الوالدين أو بيع شيء من العقار وهي السلاف . وربما
دل شربها في المنام على الدين والسلف وهي الروح . وربما دل شربها على رواح
المال أو الولد. وربما وجد شاربها راحة ، وإن كان في تعب وعناء ، وهي
العجوز، فربما سكر الرائي من إمرأة عجوز أو تزوج إمرأة كذلك ، وشرب الخمر
يدل على غباوة شاربه وجهله ، وإذا رؤي ميت أنه يشرب الخمر فإنه منعم في
الآخرة ، لأن الخمر من شراب أهل الجنة إلا أن يكون قد مات وهو مصر عليها أو
كان في حياته ممن يستحلها ، والخمر يدل على خير لمن أراد الزواج لامتزاج
الماء به واختلاطه .
كما فسر ابن شاهين حلم رؤيا الخمر : من رأى أنه شرب خمراً وليس هناك من ينازعه فيها فإنه يصيب مالاً حراماً بقدر ما شرب منها وقيل إثماً كبيراً لقوله تعالى { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير } الآية
ومن رأى: أنه يشرب خمراً فسكر منه فإنه يصيب مالاً حراماً ويصيب من ذلك
المال سلطنة بقدر السكر ، وإن سكر من غير خمر فإنه يصيبه هم وخوف شديد
لقوله تعالى { وترى الناس سكارى } الآية وربما دل السكر على الموت ، خصوصاً للمريض لقوله تعالى { وجاءت سكرة الموت }
الآية ومن رأى أنه يشرب الخمر مع قوم يعاطيهم الكأس فإنه يدل على وقوع
العداوة بينهم والمنازعة لقوله تعالى } إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم
العداوة والبغضاء{ وربما يرتكب معهم معصية ، وربما يصاب في ماله ومن رأى
أنه يتنازع مع أحد على شرب الخمر فإنه يؤول بأنه لا خير فيه ومن رأى أنه
يعصر خمراً فإنه يخدم السلطان ويجري على يده أمور عظام ، وربما دلت رؤيا
عصر الخمر في الدار على موت بعض أهله ومن رأى نهراً من خمرة فإنه على
وجهين: إن دخله أصابه فتنة ومضرة ، وإن لم يدخله فيؤول بتغيير رئيسه عليه
ومن رأى خمراً سائلاً وهو يسبح فيه أو يخوض فإنه يؤول بحصول فتنة عظيمة
وبيع الخمر بيع شيء يحرم ، وربما دلت على الربا وعدم المنفعة ورؤيا شرب
الخمر للمتولي عزل وبالمجمل فإن رؤيا الخمر تؤول على ثلاثة أوجه : حرام
وتزوج خفية ونعمة الدنيا ورؤيا عصر الخمر تدل على التقريب إلى الرؤساء
وحصول المنفعة منهم وبائع الخمر يدل على أنه صاحب فتنة وخصومة ، وقيل الخمر
في الأصل مال حرام بلا مشقة ، وقيل هو مال سواء كان حلالاً أو حراماً ومن
رأى أنه يشرب خمراً ممزوجة بالماء فإنه ينال مالاً بعضه حلال وبعضه حرام ،
وربما يصيب مالاً في شركة ، وربما يأخذ من إمرأة مالاً ويقع فيه فتنة
والسكر من الخمر غنى دائم يخالطه بطر ، وقيل هو سلطان يناله صاحب الرؤيا ،
وقيل هو دليل أمن الخائف فإن السكران لا يفزع من شيء ورؤيا الخمر في
الخابية إصابة كنز ، وأما الحشيش والأفيون فهو نوع مما يخامر بين المرء
وعقله فلأجل ذلك أضفناه مع الخمر ، فمن رأى شيئاً من ذلك فليس بمحمود ومن
رأى أنه يبيع حشيشاً أو يسحقه فإنه يؤول على ثلاثة أوجه: جنون وارتكاب أمر
مهول وضعف في العزم والأفيون هم وغم وأكله يؤول بالإصرار على المعصية ،
وربما دل الحشيش والأفيون على مال حرام لا أصل له ولا بقاء.