بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم فوجد
بعض الناس يتخذون من سوء الجوار خُلقًا يختصون به، فكان كل رجل يظلم ويسيء
الجوار لجاره، ولا يعتبر ذلك نقيصةً أو خطأ، وقد وصف جعفر بن أبي طالب ابن
عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم حالهم بينما هو يخاطب النجاشي ملك
الحبشة وصفًا مختصرًا فقال: «إنّا كنا أهل جاهلية وشر، نقطع الأرحام، ونسيء
الجوار… ».
فكان الجار لا يؤمن من جاره شرّه، بل إنه كان ينتظر منه الشر في أي لحظة،
فجاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم فرفع قيمة حسن الجوار، وأعطى للجار
حقوقًا كثيرة ساعدت في تأمين المجتمع وإرساء قواعد المحبة والأمن والسلامة
والتعاون بين أفراده .
وهو بهذا يفصح عن أن رسالته لم تكن فقط رسالة عبادية لنشر الدين فقط ، بل
إنها تدعو لإصلاح الحياة والمجتمع ، فهي رسالة إصلاحية لشتى جوانب الحياة.
وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من يطبق تلك الحقوق والواجبات
ليكون قدوة عملية لغيره في ذلك.