-----------------------------
كان هناك أختان ، إحداهما كبيرة ، تشبه
أمها في قبح المنظر ، وسوء الأخلاق ، والثانية صغيرة ، جميلة ، وديعة ،
حسنة المعاملة والسلوك . وكانت الأم وابنتها الكبيرة مكروهتين من الناس ،
لا يحب أحد مجالستهما ، لذلك كانت الأم تفضل ابنتها الكبيرة ، وتظلم
الصغيرة ، وتجبرها على تنظيف المنزل ، وحمل الجرة الكبيرة لتملأها بالماء
من نبع بعيدٍ ...
وفي صباح أحد الأيام ، كانت البنت الصغيرة عند النبع ،
وإذا بأمرأة عجوز تقترب منها ، وتسالها أن تساعدها على شرب جرعةٍ من
الماءِ . فسارعت البنت الصغيرة إلى ملء وعاء بالماء ، وقالت للمرأة العجوز :
اشربي يا خالتي . فشربت المرأة حتى ارتوت ثم قالت للفتاة : يالك من فتاة
مهذبة نبيلةٍ .
وعندما همت البنت الصغيرة بالذهاب ، بعدما ملأت
جرتها ، استوقفتها المرأة العجوز ، وقالت لها : اعلمي يا بنيتي أنني عجوز
سا حرة ، وسترين أنك كلما فتحتِ فمك للكلام خرجت منه زهرة أو جوهرة . ثم
مسحت فم الفتاة بيديها ، وغابت عن الأنظار . ولما رجعت الفتاة إلى البيت ،
هجمت عليها أمها توبخها على تأخرها . ولما كادت الفتاة تعتذر إلى أمها حتى
تألقت في فمها وردة ملونة ولؤلؤة مضيئة .
فصاحت الأم من الدهشة : ياللعجب !
ما هذا يا بنيتي !
وكانت
هذه هي المرة الأولى التي تخاطبها الأم القاسية بقولها : (يا بنيتي ) .
فقصت الفتاة على أمها ما جرى لها مع العجوز ، وكلما تكلمت خرجت من فمها
الجواهر والأزهار .
نادت الأم ابنتها الكبيرة قائلة : أسرعي يا
حبيبتي إلى النبع ، فإذا طلبت منك امرأة عجوز أن تسقيها فلا تترددي أن
تكوني معها كريمة سخيةً ، لعلكِ تحصلين منها على ما حصلت أختك الصغيرة .
تذمرت الفتاة الكبيرة من هذا الطلب الذي لم تتعود عليه ، ولكنها أمام إلحاح
أمها حملت وِعاءً من الفضة جميلا" ، ومضت إلى النبع مكرهةً غاضبةً .
وعند
النبع أقبلت عليها العجوز الساحرة ، وطلبت منها أن تسقيها من الماء ،
ولكنَّ الفتاة ذات الطِّباع الشَّرسِة دفعتها بيدها ، ولم تسقيها الماء .
فقالت لها الساحرة : سأعاقبك على هذا التكبُّر بسحرٍ يجعلُكِ كلما فتحتي
فمك خرج منهُ ثعبان مخيف .ولما رجعت إلى البيت فرحت أمها بقدومها ، وسألتها
عما حدث لها . فما كادت الفتاة المتكبرة تشرع بالكلام حتى برز من فمها
ثعبان سام ، فلطمت أمها خدها بدهشةٍ ، وصاحت : ما هذا ! ياللهول ! وظنت
الأم القاسية أن أبنتها الصغيرة هي السبب ، فهجمت عليها وأشبعتها ضربا" ،
ثم طردتها من المنزل . فمضت الفتاة إلى الطريق حزينة يائسة ، إلى أن وصلت
إلى الغابة . أقبل الليل ، فأحستِ الفتاة الصغيرة بالخوف ، وكان ملك
المدينة عائدا" من الصيد ، فلما شاهدها على هذه الحال نزل عن جواده ، و وقف
يتأملها متعجبا" . ثم سألها الملك : ما قصتكِ يابنيتي ؟
ولماذا تبكين ؟
فأجابته بصوت ضعيفٍ : إن أمي يا سيدي
طردتني من المنزل.
وكانتِ الجواهر والأزهار تتدفق من فمها كلما
نطقت بحرفٍ.
فدُهش
الملك من هذا المشهد العجيب ، فسارعت الفتاة وأخبرته بقصتها مع الساحرة
العجوز ، فما كان من الملك إلا أن يحملها بعطفٍ وحنانٍ ، ومضى بها إلى قصره
، وجعلها ابنة له ، تعيش معه في سعادة وهناءً . أما أختها المتكبرة فقد
نفر منها الناس ، وطردتها أمها خوفا" من الثعابين التي تخرج من فمها ،
فراحت تجر خطاها إلى الغابة الموحشة دون أن يعرف مصيرها أحد .
من قصص الخاتمة.