دعيني أرحـل ـ قصة قصيرة
قصـة قصــيـرة
دعـيني أرحـــل
تحملك السفن الراحلة الى الجحيموترميك على موانيء الضجر في عتمة الليل الذي يبسط نفوذه ليحكم العالم.
مياه أنهاري أغرقتها الحيرة لاهي واصلت معالمجرى
ولاهيبلغت المصب.
فبماذا نبدأ...ولماذا! ؟..ومن أين...ومتى.....وكيف! ؟
هل بقي في الأمر مايستحق البحث مادامت كلالمحاولات
ستصطدمحتما بالرفض وتبوء بالفشل !؟....وتبقى وحدهـا
المـأسـاةتتكـرّر كلّما أوغـلـنا في انحطاطـنا وكلـّما تقـدمـنا خطوة نتراجع خطوات !....لنحجز لانفسنا مكانا نقف فيـــه
بلا حـراكوسط دائرة من الفوضى المنظمة حوّل فيها الدراويش التاريخ الى مستنقع آسن مليءبالتناقضات....
نسنـدأجسـامنا التي أنهـكها الجوع والمـرض الــى كلمات لا طائل من ورائها...!؟
عبثا يحاول من توسـّم في نفسه الشجاعة أنيخترق جـدارالصـمـت
ويتحدى شـريعة وضعها لـه المشعـوذون ويختارمصيـره.....حتىلوكان المـوت!
لأنضمائرهم المريضة شرّعت أن الخيانة هي الخروج عن القطيع ....ولاشيء غير ذلك !؟
فإلى متى أبقى بلاإختيارمتكوما هنا فيالوسط....والرأي
يبدأ مناليسار وينتهي عند أقصى اليمين!؟
ثمـّة ألف طن من الخشب إحترقت في الصدر ليغلي القهر
ويتبخّـرمع الفجرفتلوح في الأفق شمس الحقيقة بـاهــرة
كلأساطير،مجنونة كالألم تسطع من الشرق وتغيب في
الغرب....وفيرحلتها (العادية)لابـدّ أن تمـر من هنا(فوق
رأسيتماما) وتبلغ كبد السماء فيذوب الصقيع عن مخـي
ويفكّـرالعـقـل في أن الصمـت معناه الرضا وهـو نـوع من الهروب والاستسلام ....وأن الهروبليس حلاً لكل مشكلة
حين يفرضالمنطق المواجهة....فأنبذ الصمت وأصرخ صرخة تمزق سكون الليل وتبدد ظلام السنينلتشق طريقا
في صخـرالواقع يقــود الى عــوالم الخلــود.
لابـدّمن الاعتراف الآن أن أول مـرة التـقـيتـك لم يكـن يعجبني فيك عن سواك غير تلكالنظرة في عينيك....نظرة
تمتزجفيها الدموع بالجنون، والبراءة مع الثورة!؟
متحفي إمتلأ يالأسرار والصرخات وآهات بحجمجاهلية
العشـقالمحـزن.
* **
يأتي تشريــن......فأأتيك ثائرا كأمواج البحر ،حلم شفاف
وعشقاسطوري أرعى جراثيم الرفض ....أنا الباحث عن الحقيقـة وعن الـذّات !
أبحث عن صدر إمرأة يفيض بالدفء والحنان .....فأنـام
في جفونعينيها المترعات بالدمع السكيب!....لكنك تبقين
أبدا كماحواء الاولى لغزا يحيـّر الدنيا....ضعيفة وعنيدة،
قاسيـةومتمـردة!؟......والدنيا إمرأة لاتؤخذ إلاّ بالقوة....
قـوّةالمال، وقـوّة السلطـة.....وقـوّة المغــامرة!
دلاّلـة في سـوق النخاسة يزوغ بصرها لرؤيـة المــــالفتقايضه بالجمال، بالأخلاق.....وبالمباديْ!
تندس العيون في الظلام ، لاالذكرى تبعثالضياء في
ميادينالنسيان ولا الترانيم الحزينة تدق النواقيس في القلوب الميـّتـة.
ـ إمرأةالعزيــز راودت يـوسف عن نفســـه!
...وأنتتستسلمين في إنتعاش وتتمددين كالمهر فوق فراش من المخمل بين يدين مرتعشتين تطلبانالثأر من
شبابك ،وبين شفتيك المتّـقدتيـن سـؤال لايلقـى جـواب
ـ متى ستنتهـي المأساة!؟
* **
تمــرّ الأيـام.....ويعـود تشـرين ليزيحالغبار عن الذاكرة
المحـنـّطــة! ... فتأتين بعد كل الّذيحدث لتوقظي الماضي
وتمنـّينفسك بعودتي(لأعيش في ظلّك) محاولة إستعادة حبّـي كأنـّه حـقّ مكتسـب لك!؟ .....لا ، لاتحاولي فالقصـة
إنتهـتولم تعد غير ذكرى طـواهـا الزمـــن.
لا....لاتتحديني وتدعـّي بأنني مازلت أحبّـك،فحتى لوكان
ذلك صحيحافستكونين آخر من يعلم به ، وسيظل شعوري
نحوك لغـزايحيّـرك ولن تعلمي حجم المساحة الّتي مازلـت
تحتلينهافي قلبي ...حتّـى لوكانت عودتك صادقة.
لو كان هذا من باب التناقض الذي يكشف حقيقةالأشياء
لهانالأمر، فعندما تتداخل المعطيات بنسب متفاوتة فإنّه يصعب إيجاد الحل ونظل ننتظر أنتحدث المفاجأة ويتّضح
الخطالفاصل بين الوهم والحقيقة ، بين الأبيض والأسـود،
بين الجنةوالنار....لكنه أبدا لن يكون مانتمناه!فالمجالاليوم مفتوح اليوم أمام الخنازير لتعميم قذاراتها بعيدا عن
شيء إ سمهالمباديء والاخــلاق!
إنتظرتكطويلا، حاولت تبرير تصرفاتك وإهمالك .....
أمهلتك أنتقنعي نفسك بمقولة المسيح التي أقنعتني بها
يوما ما
ـ الانسانلايعيش بالخبز وحــده.
اختلقت لك الأعذار ومنحتك غفراني، لكنكتماديتي ....
وفي لحظاتضعفك وجنونك حطمتي حبّـي ودنياي وأحلاما
كنـّارسمناها معا
دعينيأرحل.......دعيني ألملم بقايا عطائي وذكرياتي
وأرحل،أحمل وعودك بربيع دائم...وأرحل، أحمل ورودك
وكلماتحبك...وأرحل......لم يبقى أمامي غير الرحيل.
إخترت جزيرة الصمت والأحزان لأنعم بمحاورةالنفس
وأحس بدفءالــذّات.
آوي الى تلـّة تعصمني طوفان الرداءة الذي لطّخكل شيء
فلاأرىتحتي غير الأودية المفروشة بجثث الضحايا الّـذين
سقطوأ فيرحلة البحث عن الحقيقة وعن الـذّات...أدركـوا
أنالضحايا هم وقود الحضارة والتطور ، وسلـّم المستقبل
الّذيإرتقاه كثيرون لايزيدون عنـّا في شيء.....رفضوا العودة الى الصفر ة والبدء من جديد(قبل معرفة الحقيقة)
واختارواالموت في سبيل بلوغ القمـّةّ.
تأكدي أنني لن أكون ضحية أخرى وأموت قبل أنأعود
.......أعــودمع تشـــرين الأول ،أوالثــــاني
.......فأنتظـــريتشـــرين.